مقال :

بين الهيبة والسحر 

 يومًا إذا حضر مجلسًا، حضر معه الوقار، وإذا تكلّم أصغى الناس، وإذا غادر، لم يغادر أثره… يبقى عالقًا في القلوب والعقول، يفتقده المكان قبل الناس

عن الرجل أتحدث 



الرجولة ليست كلمات منمّقة ولا مظاهر صاخبة.

الرجولة أن تكون سندًا في وقت الانهيار، أمانًا حين تشتدّ العواصف، حكيمًا حين يضيع الطريق.

هي أن تترك أثرًا يبقى حتى بعد أن تغادر… أثرًا يُروى عنه لكرمك، لشهامتك، لصدقك وثباتك، لا لصوتك العالي أو حضورك العابر.


ماذا عن رجولة يوسف عليه السلام، حين أُغلقت الأبواب ووجد نفسه أمام إغراء امرأة العزيز، الجمال والسلطة والوعود؟ كان يمكنه أن يبرّر، أن يساوم، أن يخون الأمانة… لكنه اختار كلمة واحدة هزّت الموقف كله: “معاذ الله”. اختار السجن على أن يخون مبادئه، فصار رمزًا للرجولة التي لا تبيع الصدق من أجل شهوة، ولا تتنازل عن المبدأ تحت أي ظرف


أين معيار الرجولة ؟… حين ترى صديقة في مأزق، أو مراهقة تتخبط في أول مطبّات حياتها، أو سيدة تتعرض لموقف صعب، فتدير وجهك وتمضي وكأن الأمر لا يعنيك؟

أين رجولتك… 

حين تختبئ خلف شاشة لتغازل بأسماء وهمية، أو توزع وعودًا تعرف جيدًا أنك لن تفي بها؟

هل هي موجودة … 

حين تكون حاضرًا في المجالس للهيبة والظهور، لكنك غائب عن بيتك، عن أمان زوجتك، وعن احتواء أبنائك أو أن تكون الابن البار لأبويك؟


وفي المقابل… أين أنوثتك أنتِ؟




“حين نتأمل التاريخ، نجد أن وراء كل رسالة سماوية أو تحول عظيم، كانت هناك امرأة تحمل قلبًا يتّسع، وعقلًا يرى ما وراء اللحظة. أليست هاجر هي التي تركها إبراهيم في وادٍ غير ذي زرع، فوثقت بربها وسعت بين الصفا والمروة، فكان سعيها عبادة نتعلمها إلى يوم القيامة؟ 


وأليست زليخة هي التي تحوّلت قصتها من مأساة عشق إلى إيمان صادق وتوبة نصوح حين أدركت عظمة الله؟ وأليست خديجة أول من آمن بمحمد ﷺ، فاحتضنت الرسالة ووقفت بمالها وحكمتها حتى قامت الدعوة على أقدام ثابتة؟ 

وأليست مريم عليها السلام هي التي حملت معجزة أدهشت الدنيا وصارت آية خالدة في القرآن؟

*المرأة الأصيلة تحضر بروحها قبل شكلها، بحكمتها قبل مظهرها، برقتها التي تُلين القاسي وتُهدي الحائر. وإذا غادرت، يبقى عبير حضورها عالقًا، يفتقده المكان قبل العيون*


الأنوثة الحقيقية ليست في صخب المظاهر ولا في مطاردة “ترند” زائف لتثبتي وجودك.


الأنوثة في العفّة التي لا تتنازل، في السكينة التي تحتضن، في الرقة التي تداوي القسوة، في العاطفة التي تبني الأجيال قبل أن تربي الأجساد.


لكننا اليوم نرى تداخلًا مضطربًا للأدوار:

رجال يبحثون عن القوة خارج بيوتهم وينسون أنّ الرجولة الحقيقية تبدأ من الداخل، ونساء يظنن أنّ الحرية تعني فقدان أصالتهنّ وشفافيتهنّ.


لكننا اليوم نرى تداخلًا مضطربًا للأدوار:

رجال يبحثون عن القوة خارج بيوتهم وينسون أنّ الرجولة الحقيقية تبدأ من الداخل، ونساء يظنن أنّ الحرية تعني فقدان أصالتهنّ وشفافيتهنّ


الكون لم يُخلق ليكون ساحة صراع، بل ليكون ساحة توازن.

رجولة تصون وتحمي… أنوثة تحتضن وتُزهر… هكذا فقط يستقيم الميزان 


inas raad🕊️






تعليقات

الأرشيف